البطل «المُلهم» إبراهيم حمدتو:
حاولت ممارسة تنس الطاولة بجذع ذراعى.. واكتشفت أنها بالفم أفضل

إبراهيم حمدتو، لاعب تنس طاولة، مثال حقيقي لمصطلحات الإرادة والعزيمة، هو من مواليد محافظة دمياط عام ١٩٧٣، في سن العاشرة من عمره تعرض لحادث قطار نتج عنه بتر الذراعين من فوق المرفقين، إلا أن ذلك لم يمنعه من مزاولة لعبة تنس الطاولة، ليكون بذلك أول لاعب تنس طاولة في تاريخ أولمبياد ذوي الاحتياجات الخاصة يشارك في المنافسات دون يدين، معتمدا على أسنانه فقط
أما عن حياته الأسرية فهو متزوج وأب لثلاثة أولاد وهم المهندس محمد، والدكتورة مي، وملك وتم تكريمه من الرئيس عبد الفتاح السيسي في منتدى شباب العالم في عام ٢٠١٧ وتأهل لأولمبياد طوكيو ٢٠٢١ في اليابان.
كما حصل البطل المصري، على العديد من الجوائز والتكريمات الدولية، كما صُنِّف من أهم 20 لاعبًا على مستوى العالم، ونال الميدالية الذهبية الشرفية في بطولة إفريقيا لتنس الطاولة عام 1991، وفاز بالمركز الرابع في البطولة الدولية التي أقيمت في مصر عام 2005، وكذلك فاز بالميدالية الفضية في بطولة إفريقيا عام2011، وكُرِّم من جائزة الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم للتفوق الرياضي.
قام “حمدتو” بإنشاء جمعية “الحياة” للمعاقين حركياً بدمياط في عام ٢٠١١، وتعمل الجمعية التي يرأس مجلس إدارتها بنفسه في المجالين الرياضي والاجتماعي، حيث تملك فريقاً لكرة الطاولة تمكن من تحقيق المركز الثاني في الدوري الممتاز في موسم ٢٠١٢ – ٢٠١٣وفريق آخر للكرة الطائرة صعد للممتاز في موسم ٢٠١٣- ٢٠١٤ بعد أن لعب موسمين بالدرجة الأولى.. وإلى نص الحوار.
• كيف وقعت الحادثة؟ وكيف تعاملت معها؟
فقدت ذراعىَّ بعد حادث أليم فى القطار وأنا فى رابعة ابتدائى وتحديداً عام 1983، وكان لدىَّ ألم جسدى كبير، ومعنوى أكبر، ولكن ربنا قدرنى على الخروج من هذه المحنة، رأيت شخصاً مثلى فى يوم من الأيام بدون يديه الاثنتين وعايش حياته الطبيعية، ولديه أسرة، ولا يشعر أن شيئاً ينقصه، وكل ما أتذكر هذا الشخص أفتكر نفسى، وأقول الحمد لله على كل شىء.
ومنذ أن فقدت ذراعىَّ إلى وقتنا هذا، وأسير فى الشارع كطفل، أى شخص يقول كلام محرج، بحاول أتجاهل لأنه لا يفهم، ولم يحس بأى شىء، لأنه ليس مثلى، ودائماً أولادى يسألونى، وهما صغيرين فين إيديك أشاور على إيديهم وأقولهم دى هى إيدى، ربنا أخدها منى وادهالكوا.
• وماذا عن بداية ممارسة اللعبة؟
سبب إصرارى على ممارسة تنس الطاولة، هو تحدٍ لنفسى أولاً، بالإضافة إلى أن فى قريتى لا يوجد سوى لعبتين، هما كرة القدم وتنس الطاولة، فعندما كنت صغيراً كنت أحلم بأن أكون لاعب كرة قدم، ولكن عندما فقدت ذراعىَّ ضاع الحلم، فاتجهت إلى تنس الطاولة مباشرة.
وبدأت اللعبة حكماً فى القرية، ولكن فى يوم عندما كنت أحكم مباراة نهائية داخل مركز الشباب، فيه نقطة اختلف عليها أحد المنافسين، عندما حسبتها للمنافس الثانى، فرد عليَّا المنافس الأولانى، وقال: انت مالك كأنك بتمارس اللعبة، فقلت له إيه المانع إنى أمارس؟ ومن وقتها منحنى الله الإصرار والعزيمة، حاولت مراراً وتكراراً ممارسة اللعبة أولاً بجذع ذراعى الصغير، ولكنى اكتشفت بعدها أنها بالفم أفضل كثيراً، وحفظت قوانين اللعبة، وكنت من حكامها داخل القرية، وفى المركز، وفى المحافظة، ولقيت اللعبة سهلة بالنسبة لى، و”مرة ورا مرة أنطط الكرة فجت معايا مرة واتنين، وكان عندى وقتها 13 سنة”.
• وما هي العقبات التي واجهتك؟
أدوات التدريب في البداية كانت أكبر عقبة أمامي، حيث إن أدوات رياضة تنس الطاولة أسعارها مرتفعة ومكلفة جدًا لكن أحد الشركات بدأت توفر لي الملابس والأدوات الرياضية اللازمة.
• وكم بطولة حصلت عليها محلياً ودولياً إلى الآن؟
دولياً 6 بطولات في أكثر من دولة، ومحلياً في جميع مشاركاتى أكون دائماً فى المربع الذهبى.
• وما دور الاتحاد المصرى لتنس الطاولة فى دعم ممارسى اللعبة من المعاقين؟
أولاً بالنسبة للمعاقين، منقسمون إلى قسمين إدارياً تابع لاتحاد تنس الطاولة، وثانياً، مادياً تابع للجنة البارالمبية المصرية، والآن نحاول تأسيس اتحاد جديد يكون خاصاً بتنس الطاولة للمعاقين فقط، لأن الخلط يحدث تخبطاً بين جميع الإدارات، ويجب أن تكون هناك اتحادات مستقلة بكل لعبة للمعاقين، وهذا يدرسه الاتحاد الدولى للعبة حالياً.
• هل كنت تتوقع النجاح الذي وصلت إليه؟
لكل مجتهدا نصيب والحمد لله على ما وصلت إليه كان باجتهادي وبمساندة أشخاص كثيرين وقفوا بجانبي.
• متى كانت أكثر اللحظات التي شعرت فيها بضعفك؟ وماذا قررت حينها؟
في عام 2015 ضعفت وقررت اعتزالي اللعب لعدم امتلاكي موارد، ولكن المهندس خالد الصالحي رئيس الإتحاد الأفريقي لتنس الطاولة كان صاحب الفضل في عدولي عن الإعتزال.
• كيف كان شعورك بعد «قبلة» وتكريم الرئيس السيسى لك بمدينة شرم الشيخ؟
سعيد جداً بحضور المؤتمر فى شرم الشيخ، وتقبيل الرئيس عبدالفتاح السيسى لرأسى سيظل وساماً وتاجاً وشرفاً على رأسي طول حياتى، أجمل لحظة فى عمرى عندما قابلت الرئيس وجهاً لوجه، وهذا زادنى إصراراً وعزيمة قبل كل البطولات التالية.
- هل تتذكر ما قاله له الرئيس؟
الرئيس شكرنى على مجهوداتى فى دورة الألعاب البارالمبية التى أقيمت مؤخراً فى البرازيل، بالرغم من هزيمتى فى المباراتين بالأولمبياد، وقال: «ربنا يعينك، أنت شرفت مصر، ورفعت اسمها وسط العالم، وأنتظر تحقق ميدالية فى أولمبياد بكين 2020».
• هل توقعت في يوم من الأيام أن تكون أسطورة كما تلقب الآن؟
الحقيقة لأ، أصحابي كانوا يقولون لي أنت أسطورة، لكن أن أُلقب بدورة الألعاب البارالمبية دي كانت مفاجأة بالنسبة لي وخاصة أن المشاركين كانوا من مختلف الدول.
• وكيف رأيت الإهتمام من الإعلام الدولي؟
كنت أشعر بالفخر الشديد بهذا الأمر، والشرف الأكبر لي يكمن في أن أكون سببا في ذكر اسم مصر بشكل جيد في وسائل الإعلام العالمية، قبل أن تتحدث عن شخصي، وأن أقدم صورة طيبة عني وعن بلدي في هذا المحفل العالمي.